عمران مدينة خليجية
تاريخ الاصدار : 1990
متوفر في نسخة مطبوعة محدودة ونسخة رقمية
يأتي الكتاب ضمن مشروع المؤلف لإصدار ملحمة عمرانية قومية لمدننا العربية بإسم "لطائف العمران في دراسة المكان"؛ وهذا الكتاب الأول من السلسلة هو رحلة في عمران واحدة من هذه المجتمعات العربية في الخليج، يسطر بها ومن خلالها المؤلف تاريخ المجتمع الخليجي.. فهو قراءة تاريخ المجتمع خلال عمرانه، أو فهم عمران المجتمع خلال تاريخه.. هو عمران مدينة خليجية – المحرق. فالمدينة وعمرانها عند المؤلف من الزاوية المعرفية بالإضافة إلى كونها مرجعاً اجتماعيا وتركيبة سياسية واقتصادية معيشية، فهي تعنى التاريخ والجغرافيا والبيئة والاستيطان، كما تعنى الفن بتشعباته، باختصار هي سجل حافل بحضارة الإنسان وصورة لتفاعله في الزمان على المكان، لأنها مرآة صادقة للمجتمع والإنسان..
ويؤكد المؤلف هنا أن المدينة العربية هيكل مقيد بنظم وقوانين ومؤسسات ومنظمات، أي أنها ليست حدثاً عفوياً، أو هيكلاً فوضوياً. ولكن للأسف، تقتصر دراسة المدن العربية وعمرانها غالباً على الدراسات الوصفية، وقلما تحاول تناول المدينة وعمرانها كظاهرة.. ينسجم خلالها الشكل والمضمون، والشكل هنا هو مادة العمران من ملامح بنائية ومعمارية مادية، أما المضمون وهو روح العمران المتمثل في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقبل ذلك البيئة الطبيعية.. والمدن العربية بالرغم من انتمائها القومي فهي تنفرد جزئياً بمحلية، والتباين الطبيعي بينها لا يعنى التنافر بل هو "التنوع في الوحدة" أو "الوحدة في التنوع".. فالتوحد لا يأتي من الوحدة التركيبية بل من التنوع التركيبي.. ومنطقة الخليج وأقاليمها واحدة من تلك المحليات العربية التي شكلت هذا التنوع التركيبي، ويتجه هذا الكتاب إلى دراسة عمران المدينة الخليجية كمحلية عربية ضمن الإطار القومي لا تخرج عنه رغم تمايزها.
واختيار مدينة المحرق بجزر البحرين كنموذج خليجي للعمران يرجعه المؤلف إلى أن الطفرة الاقتصادية النفطية والمتغيرات السياسية والاجتماعية المصاحبة لها أتت على غالبية المدن الخليجية ولم يبق منها سوى بعض الأطلال أو الملامح المتناثرة باستثناء بعض المستقرات ومنها مدينة المحرق ؛ كما أن العلاقة الحيوية بين الخليج والصحراء هي روح المكان وأبرز ما تكون هذه العلاقة وضوحاً في جزر الخليج ، وأهمها جزر البحرين ، فكانت المحرق – المدينة والجزيرة – وهى قصبة جزر البحرين تاريخياً وهى لا تزال تحتفظ بكياناتها التقليدية موضوعاً للكتاب ، ولقد تم ترتيب الكتاب في أربعة أبواب أساسية هي :
أولاً – البيئة والمكان.. يتعرض المؤلف هنا بإيجاز إلى التركيب البيئي للمدينة – بالمفهوم الشامل للبيئة من حيث العلاقات المكانية والطاقات الكامنة في موقعها وموضعها التي تتشكل منها المدينة والمجتمع المستوطن لها..
ثانياً – الاستيطان.. العملية الاستيطانية وتأسيس المدينة بكياناتها المادية، لا تنفصل عن الجوانب المجتمعية التي ارتبطت بكيان الفرد والمجتمع وممارسته وأنشطته.. من هنا يتطرق المؤلف إلى الجوانب الثلاثة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليخلص إلى تحديد الأنساق التي عبرت عن كيان المجتمع وتطوره وظروف هذا التطور.
ثالثاً – ملامح العمران.. إن ما ندركه من المدينة هو التعبيرات المادية التي يشكلها استيطان المجتمع على هيئة كيانات مختلفة تعبر عن ملامح هي التي تكسب المدينة ذاتيتها، ونتعرف على هذه الملامح من خلال تحليل النسيج العمراني الأساسي ومنه يمكن التعرف على الملامح التفصيلية لكل كيان من هذه الكيانات الأساسية..
رابعاً – لغة العمران.. تتركب كيانات المدينة وتشكيلاتها العمرانية المادية من عناصر معمارية تتكرر وتتواتر استعمالاتها على كافة المستويات العمرانية، وهي بهذا تشكل في مجموعها مفردات لغة عمرانية، وتتركب تلك المفردات مع بعضها من خلال قانون للعمران له أبعاده المحلية والذاتية.
وينتهي المؤلف أن المدينة الخليجية هنا تنتمي إلى نفس المبدأ الحضاري الأساسي للمدينة العربية قديماً وحديثاً، فهي لم تخرج عن الإطار العمراني إلا في حدود ما فرضته ذاتية المكان.. قديماً انتظمت من خلال ارتباطها بالتركيبات التقليدية القبلية وحديثاً تعاني من ذات المشاكل التي أفقدت المدينة العربية توازنها.. تقليديتها وهويتها..
طــــارق والى
1990
يمكنكم اقتناء نسخة من الكتاب من خلال